حُصرُم الواقع في معاصر الأحلام

selm

أرق على الوسادة بعد سهرة طويلة منعنى من استغراق في النوم أو الصحو. ظلتت حتى التاسعة على الحدود بينهما تهدهدني كآبة قلقة، تشبه الاستلقاء في رحلة أخيرة على سطح النيل قبل أن يجف وتزعق فوق مستنقعاته غربان الخراب.

لم أستيقظ في هذا الصباح المبكر؛ لأنني لم أنم أصلاً، لكنني فارقت المخدة دون قوة تكفي لتلقي جرعة الحزن اليومية من جريدة أو نشرة أخبار. عندي من القدرة بالكاد ما يكفي لإفطار خفيف ينهي أرق الليل ويعيدني إلى النوم مجددًا. وهكذا فعلت طوال نصف اليوم، حتى صار النوم ممكنًا، لكنه نوم مزعزع بحلم وحيد منهك  طال إلى درجة أنني تذكرته بعد الإفاقة، ولم أنسه ككثير من الأحلام.

كانت محاولة مضنية للصعود على سلم عمارة قديمة من عمارات وسط القاهرة  العريقة التي انبرت درجات سلمها الرخامية وصارت في رقة وتجعد رخام الأثواب في التماثيل الرومانية. في كل طابق أمر بأبواب لشقق مغلقة ليس بينها باب الشقة التي تبدو في الحلم شقتي.

يتساقط تراب ونثار أحجار صغيرة من تحت قدمي كما لو كانت العمارة توشك على الانهيار، أتعثر بسجاد نصفه على الدرج والنصف يتشمس على الدرابزين فيزحف هو الآخر ساقطًا ويوشك أن يأخذني معه. وفي ختام نوبة الصعود ينتهي السلم أمام باب وهمي لا يؤدي إلى شيء كالأبواب الفرعونية.

واصلت الصعود والنزول فالصعود مجددًا بأمل العثور على باب الشقة الذي قد أكون سهوت عنه بسبب وعورة الارتقاء. هكذا حلمت بما يكفي لإنهاك جديد وصحو ثان، فنوم لا أعرف ماذا أرى فيه من صور مفككة ومزعجة لواقع لم يزل حصرمًا، ولا يمكنه أن يتحول نبيذًا في معاصر الأحلام.