قناطر حياتنا

العمر نهر. لا يمكن لمائه أن يمضي في الاتجاه المعاكس.

جميعنا نعرف ـ ولو بالتقريب ـ المنبع، لكن أحداً لا يمكنه أن يتوقع مكان المصب. ولابد أن البشر كانوا سعداء كالبهائم، قبل أن يبنوا  القناطر والجسور، التي تقسم مجرى نهر الحياة وتحدد  محطاته.

التقويم، هو الاختراع الأسوأ قبل الديناميت. ونهايات وبدايات الأعوام هي القناطر الوهمية والجسور، التي بنيت فوق أعمارنا، لا لتتحكم في ماء النهر ولا ليمر أحد من فوقها، بل لتنبهنا إلى طول المجرى؛ هي سلميات أصابع أعمارنا التي تنبهنا إلى محدوديتها. ولم يجد البشر من وسيلة لمقاومة رعب التقويم سوى الاختباء  في الملذات، فيما صار يسمى حفلاً.

الشراب وإرضاء آلهة الجنس، كان جوهر الاحتفال  عندما كان البشر أوفياء لأنفسهم وإحساساتهم.. بالسكر يقللون وعيهم بالفناء إلى أقصى حد ممكن، وبطقوس حفظ النوع يقاومون الموت، وهكذا ينجحون في العبور من تحت الجسر إلى سيولة الزمان على مدار عام آخر جديد.

الآن، بعد أن تعلم البشر الاحتشام، وتباينت حظوظهم من السعادة والحزن، انقسموا إلى نوعين من الحزانى: نوع محتفل، يختفي في الشراب والاشتهاء المؤجل في ظلام الحفل، وآخر يحدق في النور، استعذاباً لحزنه، أو ربما ليتأكد أن عبء الحياة في سبيله إلى الانزياح.

Edward Hopper
Hopper
Scan10003
Balthus