الانتخابات من اللافتات: هل تكفي حصة مصر من ماء النيل لتطهير العلم؟

هذه انتخابات!
هذه انتخابات!

الاحتباس المروري المعتاد في القاهرة، تحول في الأسابيع الأخيرة إلى سدة مرورية وشلل كامل، ربما تكون هذه السدة مقصودة، لكي يبقى المواطن كالرهينة متوقفًا في سيارته أو في مواصلة عامة، وجهًا لوجه أمام لافتات الدعاية الانتخابية.

هذه ليست انتخابات
هذه ليست انتخابات
المرشح في العلالي والسدة المرورية على الكوبري، هل من طريق للمستقبل؟
المرشح في العلالي والسدة المرورية على الكوبري، هل من طريق للمستقبل؟

3

محارب النور، مع الاعتذار لباولو كويلو
محارب النور سيطلق الرصاص على الفساد والرشوة والفكر!

المواطن غير الوطني الهارب من واجب العزاء في لجان الانتخاب، يشارك رغمًا عنه في العرس الديمقراطي من خلال التأمل الهادئ  لللافتات الحامية:مرشح فردي يعد بالأمن والاستقرار والتنمية والعدالة، هكذا دفعة واحدة. مرشح آخر لا يدعي أنه سيفعل هذا وحده، بل بواقعية شديدة يطلب مشاركة الناخبين “نبني بلدنا لينا ولاولادنا” وإذا كان الرئيس قد وعد أكثر من مرة بإطلاق سراح الشباب المعتقلين دون أن يخرجوا، فهذا المرشح الشاب ـ الذي سيكون مجرد عضو وليس رئيسًا ـ جاء بالقول الفصل:”الشباب قادمون لبناء مجتمع أفضل” أو ربما يقصد الشباب الوطنيين على شاكلته، لا المحبوسين!

قائمة “في حب مصر” تحتكر الوطنية؛ فهي تُعرِّف نفسها بـ : القائمة الوطنية للانتخابات البرلمانية.

هل هذه أصول اللعب؟ ماذا عن قائمة تيار الاستقلال؟ وماذا عن المصريين الأحرار؟! ما ذنب  ذنب لاعب أرسله المدرب لقائمة أخرى، رغم أنه كان من الممكن أن يكون في الأولى؟ ما الفرق بين بين تلميذ وتلميذ في فصل واحد قسّمهم معلم التربية الرياضية إلى عدة فرق؟

تسعة وتسعون بالمئة من مرشحي الفردي ينتمون للتيار الوطني نفسه، لكن المدرب أبقاهم على دكة الاحتياطي فقرروا أن يلعبوا بأنفسهم، فما معنى استبعادهم من شرف (الوطنية)؟

ثم ما هذا الوعد الأخرق بمصر جديدة ومختلفة. كيف ستختلف مصر، عندما تصبح في أيديهم، عن وضعها الحالي وهي في أيديهم؟!

هذا عن مضمون اللافتات في مباراة كل لاعبيها يركلون الكرة باتجاه خشبة واحدة. ولايختلف التصميم الفني عن المضمون في زيفه. كل الوجوه نضرة، وبيضاء، لا تعاني من سمرة المناخ أو سمرة فيروس سي وصفرته. والأمر هكذا يثير الريبة؛ فإما أنهم غير مصريين أو أن أعمال الرتوش زيّفت الصور، وفي الحالتين، فإن مصر لن تكون في أيد أمينة مع برلمان كهذا.

الظاهرة الأغرب هي العدوان على جلال العلم. تسعة وتسعون بالمئة من اللافتات تضم العلم مع مجموعة من المرشحين في حالة القائمة، والعلم مع مرشح واحد في الفردي.

بعضهم  يلفون أجسادهم بالراية الحراء البيضاء السوداء، وبعضهم يصلبها في زاوية اللافتة، أو يجعلها خلفية لصورته، يحتاج إلى فانوس، ليجلس المشاهدون في قفا اللافتة ويتفرجوا على لعبة خيال الظل!

المرشح حر بالطبع في اختيار تصميم اللافتة الذي يناسبه، لكن كان على وطنيتهم أن تردعهم عن الإفراط في استخدام العلم في ظل الفقر المائي الذي نعاني منه.

البرلمانات تأتي وتذهب، لكن ماذا نصنع بالعلم بعد هذا السباق المحسوم سلفًا لفصيل (وطني) وهل تكفي حصة مصر لتطهير العلم؟!

وهل يمكن أن ينتخب الناس “وطني” لم تنهه وطنيته عن التدثر بالعلم، وهل ستكون مصر مختلفة رغم أن جميع فصائل الفلول التي حكمت لم تتمكن من حل أزمة المرور؟!