مرة أخرى يعود التليفزيون المصري للتذكير بوجوده الإكلينيكي من خلال خبر عن برنامج “توك شو” جديد يخطط ماسبيرو له ويضم نجوم “التوك شو” في القنوات الأخرى. وتقول المعلومات المتاحة إن البرنامج سيقوم بإنتاجه إيهاب طلعت مدير شركة برومو ميديا الإعلانية بطلب من رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير. ويقول الخبر إن التفاوض بدأ مع إبراهيم عيسى، وأسامة كمال، ويوسف الحسيني، وخيري رمضان، وتامر أمين، ولا يزال البحث عن عنصر نسائي جاريًا.
الخبر عن برنامج “توك شو” ليس مهمًا بحد ذاته، فهذه النوعية أكثر من الهم على قلب الحزين، لكن أهميته تنبع من دلالته التي تفضح مستوى الأداء في مؤسسات الدولة وحدود قدرة الجيل الجديد من الفلول على الفهم ناهيك عن الإبداع.
ينطوي الخبر أولاً على ولع الكم، وكأن جمع أصحاب المصاطب الليلية فوق مصطبة واحدة سيجلب نسبة مشاهدة تساوي حاصل جمع المصاطب، لكن الأهم في الحقيقة أن هذا الاستجلاب من خارج الكيان الضخم يعكس عدم ثقة الموظفين العموميين في قدرتهم على الإدارة وقدرة كوادرهم على الإبداع، كما يعكس توجهًا خطيرًا بتأجير مرافق الدولة ومؤسساتها للقطاع الخاص.
الطريف أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الضخمة ومعه صفاء حجازي رئيسة قطاع الأخبار ومجدي لاشين رئيس قطاع التليفزيون الذين أجمعوا على هذا التأجير (بمنطق شراء المذيع ولا تربيته) لا يعرفون مدى التدهور في نسبة مشاهدة التوك شو، وأن ما يحتاجه المشاهد هو البرامج الإخبارية، وأن الذي ينقذ التليفزيون المصري هو نوعية جديدة من البرامج تضع ميزانيتها في إنتاج المادة الإعلامية، وليس في هذه النوعية الرخيصة من الإنتاج ووضع تسة وتسعين بالمئة من التكلفة أجرًا لشجيع الشاشة المذيع.
وسواء كانت قيادات ماسبيرو غافلة عن التاريخ القريب أم تتغافل، فإن هذا النوع من استجلاب الخبراء من الصحافة هو إعادة لفيلم بدأه أنس الفقي آخر وزراء إعلام مبارك، ويا سبحان الله، إذ صدفة كانت البداية ببعض هذه الأسماء المطروحة، وكان هذا التدبير أساس تخريب الصحافة والتليفزيون معًا!
الغريب أن مبارك سقط عندما كان يدير بفلول أكثر كفاءة وإبداعًا من هؤلاء الذين يعيدون الفيلم من أوله، بلا أدنى إحساس بأن الشعوب لا تحب دخول الفيلم مرتين!