عن السيدة ريهام التي أصبحت رمزًا

تفاجأ الكثيرون بقرار شبكة قنوات النهار بإعادة برنامج ريهام سعيد، لكنه قرار منسجم تمامًا مع طبيعة ملكية الشبكة وطبيعة المرحلة.
ريهام سعيد كمخلوق، امرأة شابة، وهناك الكثير من سيدات سنها أقل معرفة منها، لكنهن يقرن في بيوتهن يربين أطفالاً ليكونوا قادة توكتوك أو قادة في تنظيم إجرامي أو تنظيم إرهابي.
لا مشكلة كبيرة في ريهام سعيد وخطورتها على المجتمع محدودة من حيث المبدأ، لكن هناك شبكة قنوات اسمها النهار قررت أن تترك في يد هذه السيدة البسيطة أدوات شديدة الخطورة كالكاميرا والميكروفون، وكان أن ارتكبت السيدة أعمالاً إعلامية منافية لآداب الإعلام آخرها تهديد الفتاة الشجاعة ضحية واقعة التحرش في المول، حيث استضافتها في برنامجها وعمدت إلى تحميلها مسئولية التحرش بها، والأفظع هو تعرض الفتاة إلى سرقة صورها من تليفونها المحمول أثناء تواجدها بالإستديو لتصبح هذه الصور وثائق تهديد تستخدمها ريهام سعيد على الهواء!
هنا نحن بصدد عدة قضايا مهنية وأخلاقية متراكبة تكفي لإغلاق شبكة النهار والليل أيضًا. لكن هناك نقابة صحفيين لم تتحرك لواقعة سرقة الزبونة في القناة ولا تحرك مجلس الصحافة الذي يحمل صفة “أعلى” ويحكمه حراس ضريح عبد الناصر، ولا تحرك النائب العام ولا أية جهة منوطة بحماية المصريين، فما كان من الناشطين الذين هالهم ما فعلته السيدة المثيرة للشفقة إلا التحرك في ثورة ضد ريهام سعيد. وبدأ الضغط عبر وسائل التواصل بالدعوة لمقاطعة الشركات التي تدعم برنامجها، ونجحت الحملة في تعرية البرنامج من الغطاء الإعلاني واتخذت القناة قرارًا بوقف البرنامج، ثم أعادته اعتمادًا على أن للمصريين ذاكرة السمك.
لا دخل في كل هذا لريهام سعيد، التي استطاعت أن تحمل أربعمائة ألف شخص على التوقيع لإلغاء برنامجها، وهو ربما أكبر من العدد الذي حصل عليه وفد التفاوض مع الإنجليز بقيادة سعد زغلول.
ورغم ذلك عادت السيدة البسيطة لتصبح رمزًا رغمًا عنها، وربما لا تدرك هي نفسها طبيعة الصراع الدائر الذي أصبحت رمزًا من رموزه. لقد ثار المصريون على نظام مبارك بكل ما تمثله “شبكة الحكم” من رأسمالية طفيلية وشرطة منفلتة بلا رادع، وفشل المصريون ونجحت الشبكة  في البقاء، وبدلاً من أن تلتقي في المنتصف أو تترك  للمصريين  بعض الفخر بأنهم استطاعوا أن يوقفوا برنامجًا من مئات البرامج الخطرة، إذا بالشبكة تصر على إعادة ريهام سعيد، ليس لأهمية ريهام سعيد بحد ذاتها، لكن لتلقين المصريين الدرس إذا دخلوا قسم شرطة أو أمسكوا بريموت التليفزيون!

https://www.youtube.com/watch?v=dKKbO586V3A