مرسال لحبيبة المواطن الرهينة بتوقيع آخر!

ُخلق المصري رهينة بالفطرة، عليه أن يأكل ويشرب ويتغوط ويذهب إلى المدرسة ويترك التفكير لولي أمره لأنه ليس أكبر من رهينة لولي الأمر (أبًا كان أو أُماً) وعندما يتخرج عليه أن يعمل ويترك التفكير لرئيسه في العمل وفي القصر الجمهوري، وعندما يسير في الشارع سواء تمتع الرئيسان بالذكاء أو جارت عليهما الطبيعة، وعندما يخرج إلى الشارع عليه أن يمتثل لقدر الانسداد المروري الذي يجعله رهينة للفوضى الفاشلة، وإذا تعامل مع الدولة في فلوس عليه أن يمتثل للأعباء التي تضعها عليه رغمًا عنه، لأنه رهينة. وإذا تجاسر واشترى خط تليفون عليه أن يظل رهينة سفالة شركة الاتصالات التي تسلمت المواطن الرهينة طبقًا لنظام الرهن السياسي. رسائل الإعلان عن منتجاتها بذيئة بشكل غير معقول. كلمة “منتجات هنا” ليست دقيقة، فهي لا تقدم منتجات بل خدمة تجتهد في توزيعها على باقات توقع للمواطن الرهينة في وهم الاختيار، بينما تؤدي كل الطرق إلى سرقته. الخط اللامحدود، خط البيزنس المحدود، باقة الإنترنت بخدماتها السيئة جدًا، واللغة!

وما أدراك بسفالة اللغة التي تخاطب بها تلك الشركات زبونها الرهينة، على طريقة بائعي الشارع “باتنين ونص، اتنين ونص، الحق يا مواطن” والأدعى أن تطور هذه الشركات ملاحقتها للرهائن في ساعات نومهم برسائل صوتية. يفيق المواطن الرهينة من نومه على جرس تليفون في الثالثة فجرًا، فيفزع من شؤم الساعة ويتصور الرنين مكالمة تنعي عزيزًا؛ فإذا بها مكالمة آلية فظة تعلن عن خدمة جديدة!

الآن صار بوسع  المواطن الرهينة أن يبعث برسالة إلى حبيبته من خلال خدمة اسمها “أحاسيس” والشركة الأب تعرف بالطبع أحاسيس الرهينة وستعبر بلسانه “لسانك متلجم ومتعرفش تقول كلمتين على بعض لحبيبتك، احنا هنقولك، 3 أيام مجانًا، ابعت لرقم …..ببلاش وقول أحلى كلام”. كيف سيقول المواطن الآخر أحلى كلام ويضعه على لسان  الرهينة، وكيف ستستقبل الحبيبة هذه الورود الصناعية، وماذا لو كان الحبيب أو كانت الحبيبة أمية؟ وهل من ضابط لهذه الفوضى؟

 

تليفون محمول