الإخوان الوطنيون ..وهم النقاء العجيب!

القائمة الوطنية، هكذا بالألف واللام!

أخيرًا تحركت نقابة الصحفيين ضد محاولة الاغتيال المعنوي التي تعرض لها المخرج خالد يوسف، وهو ليس الضحية الأولى لهذا الصنف من الإعلام، فأعراض المصريين مطروحة على الهواء منذ سنوات مبارك الأخيرة إلى اليوم. والنقابة تبدو غائبة، وكأن هذه الجرائم باتت شرعية من طول ممارستها.

كان الرجل العجوز مبارك لا يخفي إعجابه بمن يسميه “الواد الجدع” الذي ترك القضاء لينزل كالقدر على رقاب كل من تسول له نفسه الاختلاف على قضية وطنية أو حتى رياضية!

هي طريقة معتمدة إذًا، وغير مؤثمة من قطاع من المصريين أعطى صوته لذلك الرجل واختاره نائبًا، وغير مؤثمة من قطاع من المصريين يشاهد تلك الفضائيات. وعلى أية حال، فإن هذا الأداء المخالف لأعراف الأخلاق الاجتماعية ومواثيق الشرف الصحفي، لا يعمل ضد الواقع السياسي، بل هو أحد تجليات هذا الواقع المخيف.

سياسة التجريس، هي دائمًا في خدمة سياسة التدجين. ومحاولة الاغتيال المعنوي للمخرج والنائب المنتظر خالد يوسف لا تختلف عن محاولة تدجين الأحزاب من خلال الضغط لضمها في إئتلاف “الحفاظ على الدولة المصرية” أو “دعم مصر” بطموح جعل البرلمان كتلة واحدة.

الهدف واضح بالطبع، وهو الذهاب إلى دوري يتكون من فريق واحد، بعد ضمان اختفاء كل الفرق المنافسة، بما يُسهِّل التهديف على شباك خالية لإقرار ما تريده الأغلبية المطلقة المزمع عقد لوائها!

هذا السعي وراءه تجاهل لحدود الشرعية التي يتمتع بها النواب، وقد ظهرت من خلال نسبة التصويت المتدنية، كما يكشف هذا الإصرار عن جهل بالفرق بين تستيف الأوراق والشرعية الحقيقية التي تأتي من الاقتناع الطوعي للمواطنين بشرعية شخص أو مؤسسة حكم.

والهدف القريب الذي يعكسه مسعى التوحيد هو الرغبة في إقرار القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس في غياب البرلمان وإخراج التشريعات بالشكل الذي يريده الفاعلون في هذا التكتل، لكن يبقى الهدف البعيد لهذا الكفاح وهو نفي الاختلاف والتعدد، وهذا ما تعكسه اللغة الفضّاحة، التي يستخدمها التكتل من البداية.

خاضت قائمة “في حب مصر” الانتخابات تحت شعار “القائمة الوطنية للانتخابات” ألف لام التعريف تغلق باب الوطنية، وينبغي على القوائم الأخرى أن تبحث عن صفات بديلة: القائمة العميلة،الهدّامة، أو ما إلى ذلك، بعد احتكار الوطنية وربطها بسلسلة ثقيلة في قائمة واحدة.

وكان من المفترض أن تصبح القائمة أكثر هدوءًا بعد الانتخابات وتتدبر شعاراتها؛ فإذا بها تندفع في اتجاه يُعرض العملية السياسية للتآكل من خلال السعي إلى جمع الكل في واحد تحت شعار أكثر توغلاً في نفي الآخر، وهو “دعم مصر”.

على ما في هذا الشعار من استحواذ؛ فإنه يعكس عدم معرفة بأصول السياسة وبطبيعة عمل البرلمان وموقعه من الدولة؛ فالبديهي أن كل من قبل بالعملية السياسية ولم يحمل السلاح في وجه الدولة هو داعم لها، ولا يُستثنى من الوطنية المنسحبون احتجاجًا على إجراءات رأوها مجحفة بالعملية السياسية.

وأما البرلمان بمعارضيه ومؤيديه فهو مخ الدولة وعمودها الفقري، أي جزء من الماكينة ذاتها، وهكذا فالتسمية التي يتصورها أصحابها تفوقًا في الوطنية هي في حقيقتها تنزيل من قيمة الكتلة؛ فالفرق بين داعم مصر وبين عمودها الفقري هو الفرق بين المهنيء بالزفاف وصاحب الفرح. ولكن يبدو أن لاوعي “الإخوان الوطنيون” هو نفسه لا وعي “الإخوان المسلمون” الغلو واحد واحتكار الفكرة واحد، وعلى  غير هذا تقوم الأوطان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر بالمصري اليوم