التحرير في نهار يوم غائم

البحث عن رائحة الأعداء
البحث عن رائحة الأعداء

 

خمس سنوات كانت كفيلة بتغير مناخي ملحوظ في مصر، فماذا عن التغيير السياسي؟

هذه أول ذكرى للثورة  بمر نهارها مضببًا أقرب إلى غبشة المساء منه إلى مظهر نهارات مصر المشرقة.

25 يناير 2011 كان مشمسًا، تحركت المظاهرات من كل الاتجاهات لتصل إلى الميدان قبل عتمة الليل. وتحت شمس الأمل تواصلت أيام الثورة الثمانية عشرة، وقد ألهمت العالم باعتراف أوباما الذي امتدحها واستدارت إدارته لتعمل مع القوى القديمة واليمين العربي على  إجهاض حركة مصر باتجاه المستقبل.

كانت الروح عالية، أعلى من صاري العلم الذي يتوسط الميدان الآن، وكانت الإعاشة والتأمين تتم بمعرفة الثوار على أرقى مستوى من النظام والنظافة والأناقة الأخلاقية. لا تحرشات، لا مشاجرات، ولا حتى روح انتقامية في أحلك ليلة “ليلة موقعة الجمل”.

كان في الميدان ثوار ينتمون إلى  المستقبل، لكن الفكرة كانت أضعف من أن تحرس الأمل الشاسع، مما سهَّل سرقته.

الثورة التي كانت
الثورة التي كانت

اليوم، الميدان المضبب خال إلا من ضباط حراسة وكلاب شمّامة تبحث عن المتفجرات!

سنوات خمس بددتها القوى القديمة (يوليو والإخوان) نصفها بالتعاون ونصفها بالتناحر، وفي الحالتين كان الهدف الأول هو إزاحة قوى الثورة، من دون تأثيم فكرة الثورة، بل ادعائها. أحدهما فرض اليوم عطلة، على الرغم من أن العطلة لا تصلح دليلاً لإثبات نسب خصوصًا في بلد القاعدة فيه هي العطلات الرسمية وغير الرسمية والتباطؤ في العمل الذي يأخذ شكل الإضراب. الطرف الآخر، لا يتوقف عن ادعائه، وقد ألح عليه قبل حلول الذكرى: (ثورتنا ومكملين) لكن التفجيرات التي لم تتوقف لإثبات نسب مع ثورة قامت دفاعًا عن الحياة.

والنتيجة: خلو الميدان في هذا اليوم الضبابي، بينما كان يجب أن يكون ممتلئًا: بالمحتفلين إن كانت الثورة ثورتهم، أو بالمحتجين إن كانت الثورة ثورتهم!

هذا الفراغ، يعني أننا بصدد صراع لم يُحسم، لا المحتفل استطاع أن يحتفل، ولا المدعي الثورة استطاع أن يُثبت ادعاءه.

اليوم بارد، ولم يتمكن الإحماء الوطني في إذاعة الأغاني من تبديد الشعور بالغربة في يوم شتائي غائم.