إبراهيم أحمد
لكي يكتب قصيدته العتيدة
يرتدي ضباب العالم!
يستدعيه من أقصى الشرق، وأقصى الغرب!
يشد عليه ربطة عنق حمراء تتلامع كعيني ذئب في الظلام.
يجلس على صخرة وسط البحر الهائج دائما، بينما هو لا يزال في حجرته مغلقة النوافذ منذ قرون!
يلبس قلمه فراء القطة المتعجرفة التي حين قالوا لها “جوهرتك دواء شاف”، راحت كلما ألقتها من جوفها تطمرها في التراب!
يخرج حاملا عطر حورية البحر الذي لم يره، رائحة تبغه وكأسه الليلي ، زنخ السمك المعلب وقد ذاقته القطة قبله، كل شيء إلا نبض قلبه المعطل خشية من يكرهون النهار!
يمضى مبرزا صدره، متبخترا، شاهرا غصن قلمه الجاف، وقد صار حطبا في هجير أيام لا زال يراها واحته الخضراء، وطريقه إلى النجوم!
لتحترق روما وبغداد وغزة ودمشق المهم أن تبقى أبياته غير مهدمة ، لم تمر بها رصاصة، أو أنة، أو دمعة جارحة!
هي حتى الآن كريستال قاعات المصفقين!
القطة المتعجرفة صارت خادمته وحارسة كلماته، تغمرها بحرصها الأبدي!
بعد أن ألقى قصيدته، وخرج من القاعة وسط الناس الواجمين!
انطلق رجل من بينهم وراح يدور حول المنصة؛ باحثا عن تلك القطة التي رآها بأم عينيه تنسل كالشيطانة من أوراقه، وتختفي في العتمة ، متظاهرة بالبراءة!