إسرائيل ستنتهي..ليس بنار الحرب ولا بدفء السلام

ليبرمان ونتنياهو .. راعيا الفكرة السيئة
ليبرمان ونتنياهو .. راعيا الفكرة السيئة

يجب أن يدرك الإسرائيليون اليهود بأن إسرائيل تجبرهم على شكل وجود غير محتمل. يجب أن يدركوا بأن طرق الحياة الموصوفة كإسرائيلية تحطم حياتهم عبثًا، في الوقت الذي يدركون  أن الأمر انتهى، نكون كلنا قد تحررنا من مشكلة تثبيت النظام المضاد للحياة الذي يُدعى إسرائيل

مارسيليو سيفرسكي

عندما كان ليبرمان وزيرًا للخارجية الإسرائيلية كان يشن حروبه بالكلام، لكن توجه نتياهو لاختياره وزيرًا للدفاع يضع السلاح في يديه، وهذا أمر جنوني يكشف عن مدى التطرف الذي بلغه المزاج الإسرائيلي، لأن ما يفعله رئيس وزراء منتخب ليس تحقيق رغباته الشخصية فحسب. نتنياهو متطرف بطبعه، لكنه يلبي تطلعات تشدد متزايدة بين الجمهور هي التي تحمله إلى الحكم في كل مرة، كما لو كان ديكتاتورًا عربيًا.

ما يخصنا أن هذا التوجه يأتي بعد مبادرة الرئيس السيسي. وقد اعتبر المحللون الغربيون طرح ليبرمان ردًا غير متوقع من إسرائيل، التي اعتادت أن تقبل بأية مبادرة وتمضي في التفاوض، ثم تضع شروطًا لا يحتملها الفلسطينيون وهكذا تضع عليهم مسئولية الفشل. الآن تقول إسرائيل: “حتى صورتنا في العالم لم تعد تهمنا” وهذا مفهوم بالطبع، لأنها أصبحت مطمئنة لصورتها بسبب غياب مكافئ ديمقراطي عربي أو حتى مستقر.

في ذهن العالم أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ومن يفهمون أنها ديمقراطية عنصرية هم قلة من المفكرين الذين لا يظهرون في الإعلام، لكن هذه القلة تتسع دائرتها حتى بين الإسرائيليين أنفسهم.

إلى جانب جماعة المؤرخين الجدد التي قدم أعضاؤها الرواية التاريخية الحقيقية للصراع، هناك من بين المفكرين الأكثر نزاهة من يرى أن التعاطف مع الفلسطينيين مع البقاء على أرضهم نفاق، وينبغي لليهودي الذي يفهم الظلم  أن يغادر إسرائيل، من هؤلاء مارسيليو سيفرسكي الذي يؤمن بأن القرن الصهيوني الذي أتعس الفلسطينيين والعرب واليهود سينتهي قريبًا.

لا يؤمن سيفرسكي بأن ذلك سيحدث بحرب عربية حارقة أو بسلام عربي دافئ، بل بتغيير المجتمع الإسرائيلي نفسه: «يجب أن يدرك الإسرائيليون اليهود بأن إسرائيل تجبرهم على شكل وجود غير محتمل. يجب أن يدركوا بأن طرق الحياة الموصوفة كإسرائيلية تحطم حياتهم عبثًا، في الوقت الذي يدركون  أن الأمر انتهى، نكون كلنا قد تحررنا من مشكلة تثبيت النظام المضاد للحياة الذي يُدعى إسرائيل». هكذا يقول سفيرسكي، في كتابه «ما بعد إسرائيل» ويؤكد فيه أن كل أنواع التفاوض  لن تجدي في جلب السلام المستحيل، وبالحسم نفسه يرى أن إسرائيل إلى زوال، وأن مجتمعًا آخر موحدًا سيحل في المكان من البحر الأبيض إلى نهر الأردن.

ترجم الكتاب إلى العربية سمير عزت نصّار، وصدر عن «منشورات المتوسط» في ميلانو، متزامنًا مع ذكرى النكبة الفلسطينية.

ينفي سيفرسكي وجود مجتمع إسرائيلي موحد، ويقول إن هذا هو أمر من قبيل الخرافة، ولكن هناك إجراءات يومية لتثبيت هذه الخرافة؛ فحتى اليهود الأثيوبيين الذين يعانون من تفرقة عنصرية مرعبة، يجد قادة إسرائيل الوسائل لإقناعهم بأنهم جزء من هذا المشروع.

وهكذا فالصهيونية برأيه ليست مشروعًا تاريخيًا أنجزت فكرته في الماضي فحسب، بل هو كذلك تلك الممارسات اليومية، التي تستند إلى تعاليم التوراة (الطاعة الإبراهيمية المطلقة مثلا) لكي تضع تقاليد الحياة الإسرائيلية. بعض الممارسات يبدو بسيطًا، كالتنزه مثلاً!

الرحلات المنظمة هي إحدى الآليات. رحلة يوم العطلة تقليد شبه مقدس، وهناك العديد من الجمعيات المدعومة تقدم خدمة الرحلات، من أجل جعل المهاجر الجديد يتآلف مع الأرض الفلسطينية من خلال قدميه!

لا يمكن في هذه المساحة تلخيص كتاب شديد الغنى، ويبدو فيه سفيرسكي واثقًا من إمكانية تشكيل كتلة إسرائيلية حرجة تعي الظلم الذي أوقعه اليهود بأنفسهم وبالفلسطينيين وبالمنطقة عندما تبنوا فكرة سيئة هي دولة إسرائيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصري اليوم:

http://www.almasryalyoum.com/news/details/953001