كولومبيان يفوزان بنوبل من باب الحرب..ماركيز الذي عاش ليرويها وسانتوس الذي عاش لينهيها

screen-shot-2016-10-07-at-5-47-09-pm

في روايته «مئة عام من العزلة» يكتب جابرييل جارسيا ماركيز«اكتشف أورليانو أن أمارنتاـ أورسولا لم تكن أخته، بل خالته، وأن السيد فرنسيس ديريك قد هاجم ريوهاشا لسبب واحد، هو أن يمكنهم من البحث عن بعضهم البعض، في معارج متاهة الدم المتشابكة، حتى كان بإمكانهم إنجاب الحيوان الخرافي الذي يضع حدًا للسلالة كلها».

هكذا يجمع الروائي في جملة واحدة بين سفاح الأقارب والحرب الأهلية، كلاهما من الأهوال التي تنتهي بمولد مسخ يقضي على تاريخ السلالة.

استلهم ماركيز حرب المئة يوم الكولومبية التي أمسكت بمفصل القرنين التاسع عشر والعشرين، وشارك جده فيها، لكنه لم يشرع في كتابة روايته المعجزة إلا وكانت حرب جديدة قد نشبت، ومات قبل أن تنتهي!

 وزعت ثلاثين رواية ماركيز مليون نسخة في مختلف اللغات وكانت سبب فوزه  بنوبل في الأدب عام ١٩٨٦، بينما قضت الحرب الجديدة على أكثر من ٢٦٠ ألف كولومبي وشتتت ستة ملايين قبل أن يوقع  خوان مانويل سانتوس رئيس الأرجنتين اتفاق السلام مع متمردي الفارك، وينال عليه جائزة نوبل للسلام لهذا العام.

٥٢ عامًا من الحرب الأهلية أنهاها سانتوس وأهلته للفوز بالجائزة الدولية المرموقة من بين عدد ضخم من الموشحين هذا العام، بينهم متطوعو الدفاع المدني السوري «أصحاب الخوذات البيض» الذين رشحتهم التوقعات للفوز بالجائزة، يبدو أن مانحي الجائزة خافوا من احتكار العرب لها، بمآسيهم وبطولاتهم الأكثر من أن تُعد، بعد أن فازت بها في العام الماضي الرباعية التونسية التي خلقت البديل السلمي للصراع على السلطة في تونس.

يستحق سانتوس الجائزة عن جدارة، لأنه أقام سلامًا مع جماعة صارت محدودة الأثر إلي حد كبير، ولم يكن مضطرًا للمجازفة برصيده السياسي من أجل سلام ليس مضطرًا إليه. الاتفاق الذي وضع حدًا لحديث الرصاص في كولومبيا يوم ٢٩ سبتمبر الماضي، جاء ثمرة أربع سنوات من المفاوضات برعاية كوبا.

وقد دعا سانتوس إلى استفتاء شعبي من أجل إعطاء الاتفاق قوة أكبر، ورفض الكولمبيون الاتفاق بأغلبية ضئيلة (٥٠،٢١٪) ولكنه لم ييأس مع نتيجة الاستفتاء غير الملزم، وقال«الكل يجب أن يتنازل من أجل كولومبيا» مؤكدًا أنه سيواصل البحث عن السلام حتى اللحظة الأخيرة من ولايته لأنه الطريق الواجب اتباعه من أجل أن يترك بلدًا أفضل للأجيال القادمة.

%d9%85%d8%a7%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%b2

قاد سانتوس معارك شرسة ضد متمردي الفارك عندما كان وزيرًا للدفاع في الفترة من ٢٠٠٦ الى ٢٠٠٩، في ظل رئاسة الفارو اوريبي الذي كان رافضًا  لعملية السلام، وبعد انتخابه للمرة الأولى عام ٢٠١٠واصل الحرب على الفارك ليجبرهم على الجلوس على طاولة المفاوضات، واليوم يؤكد في حوار مع تليفزيون «يورونيوز» أن الجماعة مدعوة للانخراط في العملية السياسية، وهو ما سبق أن أكد عليه « سادافع بالتصميم نفسه عن حقهم في التعبير عن رأيهم ومواصلة كفاحهم السياسي بالطرق القانونية».

بهذا النهج سيغادر سانتوس كرسي النسر في ٢٠١٨ بلقب «بطل الحرب والسلام» وميدالية نوبل يعتز بها أولاده الثلاثة.