لماذا لا تعيش للسيسي صورة إنسانية؟

محاولة رفع الشعبية من خلال الصورة  إجراء تلجأ إليه الأنظمة الاستبدادية والديمقراطية على السواء. هذا الإجراء ينطوي على كم كبير من التزييف للوعي لأنه يعتمد على استدرار العاطفة، لكن التزييف الأكبر يحدث للواقع بالقفز على أسباب الظواهر وأحجامها.

يزور الحاكم مدرسة، وتلتقط له صورة يمسح فيها على رأس تلميذ، فتغطي هذه الصورة على فساد التعليم المسكوت عنه، ينتخب صناع البروباجاندا للحاكم صورة لكادح يقوم بمقابلته وإهدائه مسكنًا، ومن خلال هذا الترميز، يبدو الحكام معفيًا من حل مشكلات الملايين ممن لهم ذات الظروف.

وفي بعض الأحيان تتعرض الصورة للتدمير الذاتي، عندما يتم اكتشف زيفها، كما حدث في صورة الفلاح الذي التقى به مبارك في كوخ على شاطئ النيل وطلب منه كوبًا من «الشاي الصعيدي» ليتضح فيما بعد أن الفلاح ليس سوى مخبر في الداخلية أدى هذه النمرة. هذه الواقعة تقترب من إفطار السيسي مع عائلة كوم العنب.

وهناك في المقابل صور كان بوسعها أن تمر، لكن صورًا أخرى تقوم بتدميرها، الأمر الذي ينطبق على صورة السيدة السكندرية منى السيد، صاحبة العربة اليد التي استقبلها الرئيس وأسبغ عليها من أدبه الجم ومن نعمه. أمثال منى من أرباب وربات الشقاء بالملايين، وكان من الممكن لهذا الترميز المضلل أن يمر، لكن صورة مجدي مكين، قتيل التعذيب جاءت وابتلعت صورة منى التي تمسكت بصيغة الدعاء التي تعرفها «ربنا يدي لك من نيتك».

%d9%85%d8%ac%d8%af%d9%8a-%d9%85%d9%83%d9%8a%d9%86

لم يبق أي أثر لصورة السيدة الكادحة، لأن المسافة بين الرمز المراد صنعه والواقع شاسعة. وإذا كان من السهل منح فقير منزلاً صغيرًا أو عربة، فإحياء قتيل ليس بهذه السهولة، وإصلاح الشرطة يتطلب جهدًا وإخلاصًا أكبر من الجهد والإخلاص المطلوبين لنقل منى من شارع بالإسكندرية إلى القصر الجمهوري، ولذلك ستظل عملية الترميز، واستدرار العاطفة بالصورة مجهودًا ضائعًا، يجلب السخط أكثر مما يحقق من الرضى.