بيبي سعيد بترامب الأمريكي أم بالترامبيين العرب؟

بدا بنيامين نتنياهو مستريحًا وسعيدًا في زيارته لواشنطن، وقد شعر أخيرًا بأنه في ضيافة صديق حقيقي، يعرفه ويعرف بعضًا من أركان إدارته منذ عقود طويلة.

بدت العلاقات بين الرجلين بعيدة عن الرسمية، حتى في المؤتمر الصحفي، لدرجة أن يقول ترامب إنه سيختار الحل الذي يرضي «بيبي» قبل أن يستدرك ويصحح: الذي يرضي الإسرائيليين والفلسطينيين، متحللًا من الرؤية الأمريكية التقليدية بحل الدولتين، وإن لم ينكرها تمامًا، مؤكدًا أنه سيدرس حل الدولتين وحل الدولة الواحدة. وفي الوقت ذاته عرف ترامب كيف يتهرب من سؤال حول وعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكدًا أنه يدرس الأمر.

من جانبه، فإن نتنياهو الذي يعرف أن إجراءاته على الأرض تجعل من حل الدولتين احتمالاً بعيدًا، وجدها فرصة جديدة لكي يزحف خطوة أخرى على الفلسطينيين: عليهم أن يعترفوا بيهودية الدولة، وأن يكفوا عن تعليم أطفالهم كراهية إسرائيل.

الطلب الأول الذي حمل الفلسطينيين إلى أوسلو كان الاعتراف بإسرائيل، وأخذ الفلسطينيون مقابل هذا الاعتراف السلطة الفلسطينية باعتبارها تمهيدًا للانتقال إلى حل الدولتين، أما الآن فالفلسطينيون مطالبون بالاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية والتزام الأدب، دون  مقابل، أو في مقابل أن يدرس ترامب جميع الخيارات!!

لم ينس نتنياهو التأكيد الذي صار يتكرر بقوة في الفترة الأخيرة على لسانه وألسن مسئولين ومحللين إسرائيليين، وهو أن عددًا من الدول العربية صارت صديقة، ولا ترى رسرائيل خطرًا، بل حليفًا في مواجهة إيران الشيعية والإرهاب السني. يكاد بيبي السعيد يهتف باسم الدولة أو الدول العربية التي انتقلت من العداء إلى الصداقة، ولم يعد سوى بحث طريقة مناسبة للإعلان عن الزفاف السعيد.

تطبيع، مقابل لا شيء، أي تخل عربي عن أحد الثوابت، حيث وقف الكرم العربي سابقًا عند المبادرة السعودية (مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام ٢٠٠٢) التي تقدمت بها عبر الجامعة العربية. كانت المبادرة السعودية المنشأ تمنح إسرائيل التطبيع العربي مقابل حل شامل في الجولان وفلسطين. وكان هذا أقصى تخل للسعودية عن تحفظها وحذرها في هذا الملف الذي طالما تركته للآخرين، أخطأوا أو أصابوا.

الآن أصبح التطبيع العربي مجانًا، وليس على الفلسطينيين سوى الامتثال. وهذا في الأغلب سر فرح نتنياهو، فهو سياسي بما فيه الكفاية ليدرك أن الرضا العربي المجاني أهم من حفاوة صديق غريب الأطوار لم تهدأ بعد الاحتجاجات على وجوده في البيت الأبيض، لكنه ليس ذكيًا بما يكفي لكي يفهم أن القياس على الظرف العربي الحالي، واقتناص حل يستند إلى موازين القوة الحالية لا يمكن أن يؤسس لسلام يبقى.