أخذ يتطلع إلى ملابسهما المكومة على الأرض، بيجامته الرمادية هامدة تحت قميصها الناري، الذي يبدو مثل شريط زينة جديد فوق طرد أصابه الاهتراء من كثرة الأيدي التي تداولته. في الضوء الشحيح بالغرفة كان بوسعه أن يتبين البشرة الغضة الوردية لخديجة التي تركت ذراعها فوقه ونامت، شرع يقارن الجلد المشدود المصقول للذراع الدقيقة مع جلد صدره الأسمر الرخو بمسامه الواسعة. تحركت شفتاها الدقيقتان في غمزات متتابعة كأنها تحاول أن تتكلم، لكن جفنيها ظلا مسدلين.
أحس برغبة في التبول، همّ بالتسلل من السرير لكنه تراجع، وظل ساكنًا، محافظًا على وضعية استلقائه، حتى لا يُقلقها. انهمك في آلية العد، كي يستدرج النوم مسلطًا نظره على نقطة ثابتة بالسقف، حتى أحس بالإنهاك فغفا، وسرعان ما أيقظه شخيره.لا يعرف متى بدأت مشكلة الشخير لديه، لكنه يتذكر أنه لم يكن يُشخِّر عندما كان شابًا، وصار متيقنًا أن الشخير، وتكرار دخول الحمّام في الليل من علامات الشيخوخة.
شددت خديجة ذراعها عليه، والتصقت به:
أحست بقلقه، فالتفتت إليه، ثم همست:
ـ فيمَ تفكر؟
ـ في شخيري الذي يقلقك.
ـ الذي أقلقني هو توقفك عن الشخير.
أضاءت الأباجورة بجوارها، وزحفت نحو رأس السرير. حشت وراءها الوسائد مضطجعة. فعل مثلها، ثم دس يده خلفها وجذبها نحوه. أمسكت بخديه الممتلئين، فطوقها بذراعيه. أحست الاعتذار في دفء احتضانه. جذبته من مقدمة أنفه مشاكسة، وقالت:
ـ لا تقلق، لكل شيء حل.
ومدت يدها إلى الكوميدينو، التقطت العلبة الصغيرة التي تحتفظ فيها بسدّادتي الأذنين. قبَّلت جبهته وانزلقت إلى جواره مولية ظهرها له، وبعد لحظات عاد تنفسها الرتيب الخافت.
ـــــــ
«يكفي أننا معًا»