بثت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرًا اليوم حول أرقام توزيع الصحف الأمريكية التي لم تزل تعاني، رغم تحسن أوضاع البعض منها باستفادتها من أموال سباق الرئاسة الأخير. ذكر التقرير أن انحدار توزيع الصحف مستمر إذ بلغ تراجع صحف أيام الأسبوع من الإثنين إلى الجمعة نسبة الـ ١٠٪ بينما بلغ تراجع صحف الأحد نسبة ٨٪ خلال العام ٢٠١٦، بينما بلغ إجمالي التراجع منذ عام ١٩٨٦ إلى ٢٠١٦ بلغ ٤٣٪.
التقرير الذي أعده معهد «بيو ريسيرش سنتر» يبدو مقلقًا لصناع الصحافة الأمريكية، لكنه لا يصلح تكئة أو حجة لتبرير انهيار الصحافة المصرية، فخلال الثلاثين عامًا التي فقدت فيها الصحف الأمريكية أقل من نصف قرائها، تخلى تسعون بالمئة من قراء الصحف المصرية عن صحفهم المفضلة، إذ انحدر التوزيع في الصحف الكبرى من المليون عام ١٩٨٦ إلى ما دون المائة ألف نسخة عام ٢٠١٦، وإذا وضعنا في اعتبارنا ثبات عدد سكان الولايات المتحدة وتضاعف عدد سكان مصر (بلغ عدد السكان ٥٠،٤ في تعداد ١٩٨٦) يكون الانخفاض الفعلي للصحف المصرية الأساسية نحو ٩٥٪ ولا يمكن حساب ما عوضته الصحف المستقلة في ضوء غياب الأرقام، لكنه ليس بالرقم الذي يجعل الصحافة المصرية في وضع طبيعي أو مشابه لغيرها.
هناك إذًا مشكلات أعمق أدخلت الصحافة المصرية إلى حالة الموت السريري التي تعانيها الآن، وتنحصر كلها في الأفق السياسي الذي واصل خلال الثلاثين عامًا تشغيل مفرمة الكفاءات وغض الطرف عن الخسائر في مقابل الحصول على إصدارات آمنة لا تثير قلقًا في الشارع، ولا تتعرض لاحتجاجات عمالية في داخلها.
وبدلاً من الاعتراف بهذه الحقيقة الساطعة تواصل السلطة دفع فواتير الفشل من خزانة الدولة، بينما يلقي الجميع بالتبعة على التحولات التكنولوجية التي داهمت مملكة الورق.