من الأفضل أن ترقص .. لكن ليس على رقابنا

أشعل الصديق عمَّار علي حسن تويتر أمس بتغريدة يستنكر فيها الرقص بالمايوه  في مصايف الساحل الشمالي،  معظم المتداخلين معه كانوا رافضين للوصاية الأخلاقية التي بدت في هذه التدوينة الصغيرة للروائي والباحث الاجتماعي والمُنظِّر السياسي، وأجدني في صف من رفضوا طرحه، وأتمنى لو اعتذر عنه؛ فعيب تويتر ووسائل التواصل أنها  قصفت العمر القديم للفكرة، التي كانت تولد، ثم تُكتب، ثم يكون هناك فصاصل بين كتابتها ونشرها. الآن تولد الفكرة وتُنشر في لحظتها.

على أية حال، الرقص حرية وأحد علامات صحة المجتمعات، ونشاط ترفيهي يمكن أن نمارسه أن  نشاهده ويمكن ألا يروقنا فلا نقترب من حلقة رقص، مثلما لا يجد أحدنا متعة في صيد السمك أو مراقبة الصابرين خلف سناراتهم.

شخصيًا، لا أمتلك مهارات الرقص وأحب أن أشاهده، لكنني للأسف لم أدخل الساحل الشمالي مطلقًا، ولا أستطيع أن أتخيل المكان إلا من صوره الفوتوغرافية، لأن قدراتي المادية لا تسمح أبدًا، ولأنني لا أحب المسكنة، فإن قدراتي تسمح بين حين وحين أن أكون في إيطاليا أو اليونان. 

 من لم يتملك مكانًا في الساحل أو شرم الشيخ يستطيع أن يرى المتوسط من ضفته الشمالية الألطف مناخًا بأقل مما لو فعل في مصر، ذلك لأن بيع البحر جريمة لم يرتكبها أحد غيرنا. في شمال وجنوب العالم، البحر والنهر ملكية عامة، لا يحق لأحد استثمار إطلالته لحسابه. القرى السياحية ترتد عن البحر بمسافات تجعل حق استخدامه بالتساوي بين من يأتي في سيارته لينصب خيمة وبين سكان القرية السياحية التي من حق سكانها أن يقيموا سورًا عليها أو لا يقيموا، على ألا يدخل البحر ضمن سورها أبدًا.

وهذا لا يقتصر على ما نسميه بسخرية «أوروبا والدول المتقدمة» رأيته في ماليزيا، ويمكن أن نراه في المغرب. عندما كنت أسأل عن كاتب وأجده على البحر طول إجازة الصيف، كنت أعده ثريًا، لكنني عرفت أن تصييف التخييم في المغرب يجعل المصيف عادة في أوساط عريضة من الناس، من حقهم أن يستريحوا، أن يبللوا أجسامهم في الماء، وأن يسهروا في الليل للرقص والسمر.

من غير المعقول أن ندفع ضريبة قيمة مضافة على ساندويتش طعمية قد يجلب لنا فيروس سي، بينما لا يدفع مشتري الشاليه ثمنًا لاغتصاب مساحة من البحر يشاركه في ملكيتها مائة مليون مصري. لكن الصحيح أن من لم يدفع هم الفئة التي انتفعت بالمشروعات التي أقامتها وزارة الإسكان وتملكوها بسعر للمتر يساوي سعر متر المساكن الشعبية في حلوان أو إمبابة، الأن يدفع المشتري قيمة مضافة لصالح شركة الاستثمار العقاري.

وهذا في الحقيقة هو الرقص المنافي للآداب.