غربة أصابع السيدة

Tamara de lempicka

لتدرجات اللون من سماء بلون الفيروز هبوطًا إلى الرؤوس البنفسجية للجبال إلى السفوح الخضراء تحت شمس الغروب جمال يحمل على البكاء. لم يكن أجمل من الطبيعة في تلك اللحظة سوى امرأة في قطار يتجه من روما إلى تورينو.

للجبال، في اللحظة التي طوقها فيها قوس قزح جمال يتصاعد ثم يخفت ليتصاعد من جديد. لابد أن فيفالدي ألف ألحانه العذبة ناظرا إلى هذه الجبال الخصبة. 

للمرأة التي في القطار ألحان أعذب. لها فتنة المتوسط التي نجدها في إسبانيا وإيطاليا واليونان. ذلك الجمال الفاتن بنوعه لا بدرجته؛ بسبب هذا التنغيم بالذات، حيث الوجه أفق تصعب الإحاطة به، يتحول من العادي إلى الفاتن مثل نور يشتد ثم يخفت ليشتد من جديد.

بجوار المرأة الأجمل من مرج أخضر، يجلس رجل يتحدث طول الوقت في الموبايل بصوت يزعج كل المحتمين بالعربة؛ فما البال بالرفيقة الفاتنة المستكينة تحت مرمى حنجرته؟!

  على مشارف تورينو، هممت أن أسأله بكل أدب: إن كنت في غنى عنها، دعها لي لأتحدث معها، لكنه أحس بالخاطر. أنهى مكالمته، وبدأ يحكي لها مطوقا بيده راحة يدها التي ظلت حزينة كغريب، وبدلاً من أن يبدد غربة اليد، أخذ يعد على أصابعها مبتهجا، ربما كان يعدد صفقاته الناجحة التي أنجزها في مكالمات استغرقت رحلة القطار .