نرجسيتي الغابرة

بمبادرة كريمة من بعض زملاء دفعتي في كلية الإعلام التقينا. في الصفحة التي أنشأوها على الفيس بوك بدأت الصور الجماعية الكثيرة تظهر، ولا واحدة لي تؤكد انتمائي للدفعة. لديَّ ندرة في صور الطفولة والشباب. كانت الكاميرا ولم تزل رعبًا حقيقيًا بالنسبة لي، ينعوج فمي، وأصبح أقل وسامة مما أنا عليه. قلت: أقل وسامة، ولم أقل أكثر قبحًا. كتبتها هكذا عفويًا، فتذكرت مقولة سوزان سونتاغ، عن رفض الكثيرين للتصوير، فهي لا تحسب هذا الرفض على الإحساس بالانتهاك الذي يصيب البدائيين، بل تعتبره خوفًا من رفض الكاميرا لهم، حيث كل شخص يتمنى أن تحبه الكاميرا، وأن تمنحه صورة يكون فيها  أكثر وسامة مما هو عليه في الحقيقة.

البورتريه المنشور مع هذا النص سرقه سرقة مني مصور القرن مكرم جاد الكريم، الوحيد الذي لم يكترث بإطلاق النار وصور حادث المنصة. فهم الزميل الكبير مكرم ما أعانيه فتربص لي مثل قنَّاص بينما كنت أستمع إلي نكتة من أحدهم. غادر عاشق التنكيت فغادرنا الضحك، ثم غادرنا الابتسام، ثم غادر دنيانا مكرم جاد الكريم منذ شهرين، فله مني السلام.

أتصور أن جرأتي على الصور كانت تتصاعد مع التعرف على نصف البشرية الحلو،؛ كلما وجدتني مقبولاً في عين فتاة يقل توتري أمام عين الكاميرا، حتى صرت أحدق في عينها ( عين الكاميرا لا عين الفتاة) ليس بوقاحة تامة. ثم عاد القوس إلى الانحناء، عدت أنظر بعيدًا وإلى الأرض وكأنني بهذا التهذيب أستعطف الكاميرا كي تترفق. ويومًا ما سأستعيد رعب الصبا غير منقوص.

لا نملك حق تغيير لحظة إسدال الستار على حيواتنا، لكننا بالقليل من الثقافة الطبية والحرص في الطعام نستطيع الحفاظ على نوعية مقبولة من الحياة، كذلك يجب أن نفعل حيال حياتنا الفوتوغرافية. مع السن يجب ألا نفرط في التحديق بعيون الصغيرات، لأن رأيهن فينا الذي ستقوله عيونهن سوف تردده الكاميرا مثل ببغاء.