في الكتب بالذات. لاتشير كلمة «الاستعارة» إلى دلالتها اللغوية الأولى، فالكلمة ليست سوى مجاز السرقة.
وهذا الأمر يتفق عليه القراء وأمناء المكتبات وبائعو الكتب على السواء؛ فنادراً ما تستطيع قوة إقناع أحدهم برد كتاب جيد استعاره بهدف القراءة من مكتبة شخصية أو عامة، ومن الصعب أن يترك القاريء الشغوف كتاباً معروضاً لا يمتلك ثمنه من دون أن “يستعيره”.
ويبدو أن مجاز السرقة هذا لايخص قراء ثقافة بعينها. روى لي الرجل الذي أخذ بيديَّ إلى جنات الأدب الإسباني عن أصدقائه في برشلونة، ولا أدري لم تطرق الحديث إلى سرقة الكتب. كان أحدهم يسمي سرقة الكتب تحريراً من أسر المكتبة. وكانت إحداهن ـ صارت الآن كاتبة شهيرة ـ تستعين على الكتب الباهظة السعر بحقيبة كبيرة تحط كالنسر على الكتاب. ولا ترتفع إلا وقد استعارته بين مخالبها.
كنا (صالح علماني وأنا) بمقهى قاهري. وكأننا نُذكِّر أنفسنا بضرورة الانتباه إلى حمولة الكرسي الثالث من كتبنا حتى لا يستعيرها عابر. وقد تخيرناها تواً من أرفف دار ميريت بحرية تامة، من دون الاضطرار لـ “الاستعارة” أو الدفع بسبب من كرم هاشمي يميز محمد هاشم، الناشر الذي يتمتع بأغرب علاقة مع الفلوس، فهو لا يحب أن يتلقاها من القراء أو يدفعها للمؤلفين!
ولو أكثر الله من أمثاله، لاختفت ظواهر البيع والشراء والاستعارة من عالم القراءة!
ـــــــــــــــــــــ
مقتطف من «كتاب الغواية»