شرطة يا ابن الـ

أعمل محصلاً بهيئة النقل العام. أدخل الجراج عند الفجر لأبدأ رحلة اليوم. يستطيع كل منكم أن يقيس تعبه  من رحلة الذهاب والعودة كل يوم في زحام القاهرة وأن يتخيل مدى ما  يتعرض له شخص مهمته البقاء في ميني باص مزدحم يسير في شارع مختنق طوال ساعات عمله. لكنني لست مجرد راكب يجد مقعدًا خاليًا يغفو عليه أو يركن ظهره إلى مقعد يجلس عليه غيره. أنا أتعامل مع كل الذين يصعدون إلى الأوتوبيس. بعضهم يسأل عن الأجرة، والبعض يسأل عن المسار، البعض يطلب النزول فورًا، والبعض يخرج من جيبه ورقة بمئتي جنيه ويضعني بين الخوف من أن تكون مزيفة وبين أن أعفيه من الدفع، أما التصاريح الخاصة فقصة أخرى، بعضهم لا يقتنع بأن تصريحه المجاني لا يسري على الميني باص وخصوصًا أفراد الشرطة. قلت لأحدهم ذات مرة “هذا التصريح لا يسري هنا” فما كان منه إلا أن أجابني “شرطة يا ابن…” كلمتي الثانية كان ردها صفعة على وجهي. صفعة لا أنساها، ولو فكرت في الشكوى فربما أدخل في تعقيدات أكبر لا يحتملها وضع من يجري على زوجة وثلاثة أطفال، نسيت أن أقول لكم إنني أترك وردية الهيئة لأتسلم وردية أخرى سائقًا لتاكسي.

أنا الراكب الدائم
أنا الراكب الدائم