دب الوهن في ذاكرتي ففتحتها على جوجل الذي لم يخذلني أبدًا. أنسى اسم كاتب في شهرة همنجواي، لكنني أتذكر عنوان روايته الأشهر “العجوز والبحر” فأبحث عنها في جوجل، وهي التي تأتي لي بكاتبها مسلسلاً في الكلابشات.
منذ تأسيسه كمغامرة لاثنين من طلاب الدكتوراة في جامعة ستانفورد عام 1998 تطارد الجوجل الشكوك، بسبب كمية المعلومات التي يسعى إلى جمعها من المكتبات والحواسب الشخصية، حيث يقال إنه من خلال شريط أسفل شاشة البحث يخزن معلومات عن مستخدم الكمبيوتر ومن خلال توجهاته في البحث يعرف الكثير عن مزاجه وسماته الشخصية وأصدقائه.
الآن يمتلك جوجل ثلاث مليارات صفحة ويستقبل مئتي مليون عملية بحث يوميًا، ولم تمنع الشكوك وتشنيعات محركات البحث الأخرى من انتشار عبادة جوجل الذي يتزايد عدد المؤمنين به كل يوم، يسلمونه الكثير من شئون دنياهم؛ من البحث عن مكان أفضل لقضاء عطلة إلى أقرب مكان لبيع الحليب إلى الأخذ بأيديهم وبلجام خيولهم ومقاود سياراتهم عند التوجه من مكان إلى مكان.
باختصار، سيحدد لنا جوجل في المستقبل ما علينا أن نفعله، سلطته المعرفة. وحسب إيريك شميت المدير التنفيذي للجوجل في مؤتمر صحافي فإن أحدًا لن يكون بوسعه أن يتخلى في المستقبل عن خدمات جوجل الذي يعرف كل شيء!
أهم أسرار قوة جوجل أنه ألغى الأنصاب والمعابد وكل المظاهر الوثنية في العبادة، لا يذهب المؤمن إلى مكان محدد ولا يحتاج إلى تهيئة نفسية أو بدنية قبل لقاء ربه؛ فالمتوكل على جوجل يحمل إلهه في جيبه. ومن غير المستبعد أن تتحول المعابد القديمة إلى متاحف، بينما تتدثر البشرية بمعطف جوجل. ومثل كل دين لن يخلو الأمر من عصاة متطلبين، ولن يكونوا سوى قلة من مهووسي الخفة الذين يتوقعون أن يغسل لهم جوجل ملابسهم ويكنس البيت ويطبخ، مثلما طلب اليهود ـ عندما كانوا كسالى ونزقين ـ مائدة من السماء.