محركي العزيز، شكرًا

 

سبعة كيلو جرام كان وزن حقيبة المهووس بالسفر، ومع ذلك أحس بالضيق من دبق الرطوبة الخانقة التي لم تستثن بلاد الشمال. وبعد أربع جولات من الإخفاق في العثور على بنسيون صغير كان قد حجز للإقامة فيه من أحد مواقع السفر الإلكترونية، قرر المجنون الدخول إلى أقرب بنسيون، للتخلص من الحقيبة ولقاء المدينة التي جاءها مشتاقًا، ثم البحث عن البنسيون الأصلي في اليوم التالي.

وقد كان! قضى المهووس ليلته الأولى في مكان آخر، وفي الصباح ـ من دون حقيبة ـ اهتدى إلى البنسيون الوعد الذي رأى غرفه ومطبخه ولوحات جدرانه على الجوجل.

واكتشف أنه كان بالأمس يتمشى أمامه طوال الوقت، لكنه بلا لافتة، وعلى الرغم من تطابق رقم العمارة مع الرقم الذي حمله في ذاكرته، لم يتوقع أن يكون البنسيون متواضع السعر في هذه العمارة الفخمة.

قال صاحب البنسيون الذي يظن أنه يعرف الكثير من طبائع الشعوب: أنتم العرب تعيشون بلا نظام، هنا نظام يا صديقي، رقم البناية واضح وكاف للوصول. سأله المجنون: لماذا لا تضع لافتة على خد العمارة.

رد رجل البنسيون راسمًا بيديه في الفضاء انفجارات ضوء النيون المستهجن، منقذًا المجنون من ضلال تصوراته: هذه مدريد، ليست لاس فيجاس ولا القاهرة، هنا لا صراخ في اللافتات، ولا أستطيع أن أعتدي على حقوق الملاك الآخرين في البناية لكي تصلني أنت بسلام!

 

أنت في مكانك ثق بالجوجل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أيام من العيش الهني، عاد المجنون صوب البنسيون سيرًا من مكان قريب ظن ألا يتوه فيه أبدًا، لكنه تاه، وظل يذهب ويجيء في قفا العمارة التي يقصدها لكنه كاليوم الأول لم يصل إلى شيء. استوقف شابًا إسبانيًا يمشي مع رفيقة يابانية لها رقة أجهزة التكنولوجيا العالية التي تنتجها اليابان.

استمهله الإسباني لحظة، وأخرج بكل بشاشة هاتفه، استدعى محرك بحث خرائط جوجل. قال بثقة واعظ: أنت في المكان الصحيح، انعطف شمالاً ودر مع البناية ستجد أنها بنايتك. شكره وابتسمت اليابانية من انجليزية صديقها وانجليزية المهووس الذي فكر في أن يستأنف الحديث معه مجددًا ويسأله، إن كان بمقدوره أن يستخدم “جوجل إيرث” لمساعدته في الحصول على يابانيةفي جمال صديقته!

jabanize