في كل الثقافات العراف أعمى؛ لأن العين شُبَّاك يكشف الروح على العابر والزائل والنسبي، وانغلاق الشُبَّاك يتيح الإطلالة الأرحب، الإطلالة على الباقي والمطلق.
ولابد للمبصر أن يخوض تجربة العمى، ليرى إن كان الأعمى يخاف، لكن بخبرتي كمبصر أعتقد أنه يخيف، ذلك لأننا لا نعرف أين ينظر، ولا يمكن أن نحدس ما يفكر فيه. وهذه هي سلطة العمى التي استعارتها شركات النظارات.
لكن العمى الذكوري يختلف عن الأنثوي، وما تبيعه الشركات في نظارات الجنسين شيء مختلف.
لا يُشترط أن يكون وجه الرجل تحت النظارة جميلاً، ولا يشترط أن يصفف شعره حسب الموضة، هو غالباً نابت اللحية، قصير الشعر، لكنه بادي الهيبة. إعلان النظارات الشمسية يبيع القوة في نظارات الرجل، أو وهم القوة من خلال غموض النظرة.
(الرجل الغامض بسلامته متخفي في نضارة) هكذا غنت سعاد حسني كلمات صلاح جاهين، وكنا نتمنى لو لم تكن الكلمات لرجل كي نعرف إحساس المرأة الحقيقي تجاه من يستعير العمى من نظّارة معتمة.
المخيال حول المرأة في عالم العمى المستعار مختلف. جمال البشرة والشعر واضحان، والمساحة السوداء على الوجه تشيع غموضاً ووعداً. النظارة مثل قيد، والعين المقيدة تستدعي أزمنة الغزو والسبي، وتستحضر يدين مقيدتين خلف الظهر تكملان شكل العصابة الجميلة فوق العينين.